...إنّ الرسول –صلى الله عليه و سلّم-تزوّج بثلاث عشرة امرأة أوّلهنّ خديجةُ بنت خويلد أنجب منها ستّا ( ولدين..- ماتا صغيرين- و اربع بنات) و آخرهنَّ –ماريا القبطية أنجب منها (ولدا واحدا مات صغيرا هو أيضا)..و لم يُرزقْ بمولود آخرَ من بقية نسائه.. لذلك عيّره أبناء قومه – بالأبتر - الذي ينقطع نسله بموته..و لكنّ الله شاء بهذه الآية الكريمة.." النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.."( الاحزاب..الآية 52) أن يُنشىء رابطة أقوى من رابطة الدّم بين المؤمنين و البيت النبوي.. رابطةٌ مُستديمةٌ الى يوم القيامة..و ما تسميةُ نساء النّبيّ بأمّهات المؤمنين إلّا لهدف أن يشعر رسوله بالمدد العاصم له من جبروت العصبيات القبلية المناوئة له في ذاك الوقت من جهة...و أن ينعم المؤمنون برسالته بالانتساب الى .."أّمّهات المؤمنين " معنويّا...من جهة ثانية... و هل هناك شرف أسمى و أسنى و أدوم من شرف الانتساب الي بيت النبوّة...؟؟
و بهذا الاعتبار لن تجد البتّةَ على وجه الأرض رجلا أكثر من الرسول أبناء و أحفادا..و ان كان الاحفادُ و أحفادُ الاحفاد ينسَوْن بفعل طول الزمن أسماءَ أجدادهم و خصالَهم و تاريخَهم فإنّ الوحيد الذي لا ينساه أحفادُه بكلّ مناقبه الى يوم القيامة انّما هو الرسول محمدٌ..-صلّى الله عليه و سلّم -
.. و بالتالي تُسحب عنهُ صفةُ – أبتر - التي أطلقها أعداؤه باطلا عليه لتلتصق بهم.. و يُعطى بدلا عنها – الكوثرَ – وهو فضل الاهيّ فوق تصوّر البشر.. من ميزاته السموّ بالرسول الى الدرجة العالية الرفيعة ليتفرّد دون سائر الرُّسل بالمقام المحمود الموعود .. هذا فضلا عمّا يلحق الرسولَ ونساءه من جزاء جرّاءَ دُعاء "أبنائهما" المؤمنين لهما تصديقا للحديث الشريف المعروف..."اذا مات ابن آدم انقطع عمله الّا من ثلاث...و الثالثة..:ابن صالح يدعو له..." إنّ هذه الأبوةَ و الأمومةَ المعنويتيْن تجعلان الفرد المؤمن في الموقع المناسب الذي يحظي به مُستنفَرا للدّفاع عن جُذُوره النّابتة في التّربة النبوية المُباركة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا...و لا يسمح البتّة الانتقاصَ من المنبت الطّاهر الذي تفرّع هو عنه.. كما يرغبُ في ذلك بعضُ" شظايا نفايات الحداثة العفنة" ..أو نفرٌ من غلاة الفرق الدينية المُشطّة..الذين يحلو لهم الطعن في نساء النبيء و خاصّةً في – أُمّنا عائشة الزكية النسيبة..حبيبة رسولنا(ص)..و من يُقدم على ذلك من هؤلاء أو أولائك.. يَعتبرون أنّ الله قد - دلّس على رسوله – حينما أنزل قرآنا يُفنّدُ فيه الإفك و يُبرّئُ "أمّنا السّيدة "عائشة ممّا نسبوه اليها افتراء و بُغضا...:" إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ "( النور الآية 11).. و جريمةُ هؤلاء لا تقفُ عند حدّ القذف الصّريح الكاذب الذي يستوجبُ جلدا لهم.. بل تتجاوزُ ذلك الى الطّعن في مصداقية الذات الالاهية و تكذيبهم الجريء لما ورد في القرآن من تبرئة جليّة للمتّهمة المظلومة.. الأمر الذي جعلهم في نظر الكثير من الفقهاء فاسقين ..خارجين عن الأمّة... أمّا مسؤوليةُ سائر المؤمنين تجاه "أمّهاتهم" هي الدّفاع عنهنّ برًّا بهنّ..و حُبّا مُخلصًا لزوجهنّ—رسول الله..و ولاء صادقًا ..و وفاء دائما لآل البيت..تماما كما فعل الامام و الخليفة الرابع ..-على بن أبي طالب – حينما أمر أفرادا من جيشه بحراسة.."أمّه عائشة" و الدفاع عنها و الإحسان إليها حينما وقع الجمل الذي كانت تركبه في المعركة الشهيرة التي خاضتها ضدّه في "الفتنة الكبرى..."