لا يختلف اثنان على اهمية العمل الجماعي من أجل الوصول إلى الهدف والتغلب على الصعوبات والرفع من المردودية ,فكثير من الحكم والأمثال تؤكد على ضرورة العمل جنبا إلى جنب مع اشخاص متعددين ومتنوعي الأفكار والتجارب.
خلال الوقت الذي كان يعمل فيه ألن بوكمان في دولة جنوب أفريقيا، في وقت مبكر من حياته المهنية لدى شركة فلور، وهي شركة هندسية مقرها الرئيسي في تكساس، وجد أن الفساد كان يعتبر عنصرا عاديًا من ممارسة الأعمال. وقال بوكمان في خطاب ألقاه في العام 2009، "لقد وعدت نفسي أنه إذا أتيحت لي الفرصة لتولي أي منصب يسمح لي بأن أقوم بشيء حيال هذه المشكلة، فإنني سوف أفعل."
وقد أوفى بوعده عام 2003، عندما ساعد، بصفته المدير التنفيذي الرئيسي لشركة فلور، في تأسيس مبادرة الشراكة ضد الفساد كجزء من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
صممت هذه المبادرة العالمية للشركات، ومن جانب الشركات، لمساعدتها على مكافحة الفساد بصورة جماعية.
لا تسامح على الإطلاق مع الفساد

تتعرض الشركات التي تتنافس للفوز بعقود حكومية بشكل خاص للفساد، وكثيراً ما يُطلب منها دفع رشاوى للمسؤولين الحكوميين من أجل الفوز بالمناقصات. تحاول بعض الشركات اكتساب ميزة غير منصفة لنفسها من خلال الرشوة، وكانت النتيجة، أن عددًا لا بأس به من المسؤولين الحكوميين وجدوا أنفسهم متورطين في فضائح خلال السنوات الأخيرة. ولكن شركات الأعمال قد تكون أيضاً من ضحايا الفساد. استناداً إلى الأمم المتحدة، يزيد الفساد من كلفة إجراء الأعمال بمعدل 10 بالمئة.
وهذا هو أحد الأسباب الذي دفع المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين في شركة فلور وشركات أخرى تعمل في القطاع العالمي للهندسة والإنشاءات التي تنفذ عدداً من العقود الحكومية، إلى تأسيس مبادرة الشراكة ضد الفساد. وقّع مسؤولون تنفيذيون كبار من 19 شركة في عام 2003 على هذه المبادرة. أما اليوم فتضم هذه المبادرة 168 عضواً من الشركات عبر العالم، تشمل شركة مايكروسوفت وشركة كوكا كولا وارنست ويونغ.

المستثمر والملياردير الأميركي جورج سوروس قدّم التمويل إلى العديد من المنظمات حول العالم التي تعمل على تعزيز الحكم الرشيد.

عندما تنضم الشركات إلى مبادرة الشراكة ضد الفساد يتوجب عليها أن تضع برنامجاً وأن تفرض سياسة على مستوى الشركة بأكملها لا تتسامح مطلقاً تجاه الفساد. فعلى سبيل المثال، يجب على جميع الموظفين والبائعين والمدراء في شركة مايكروسوفت الالتزام بقوانين مكافحة الفساد السارية في البلدان التي تعمل فيها الشركة. يساعد أعضاء مبادرة الشراكة ضد الفساد بعضهم البعض من خلال تطبيق وفرض تنفيذ برامج مكافحة الفساد. وأفاد آرثر واسونا، رئيس مبادرة الشراكة ضد الفساد "أنه من السهل كتابة برنامج والالتزام بمضمونه على موقع إلكتروني أو على لوحة إعلانات، ولكن من الصعب جداً أن ترسخه داخل أية شركة. إننا لا نساعد الشركات على كتابة البرنامج وحسب، بل نستدعي شركات اجتازت مسافة أطول على هذه الطريق لمساعدة الشركات التي انضمت إلى مبادرتنا مؤخراً."
يتطلب الأمر قيام شراكة
تأخذ الشركات أيضا زمام المبادرة لقيادة جهود مكافحة الفساد التي تشمل الحكومات، والمجموعات غير الحكومية، والوكالات المانحة، ووسائل الإعلام. يروج معهد البنك الدولي، والأمم المتحدة، وغيرهما من المنظمات هذا النهج الذي يعرف "بالعمل الجماعي". فعلى سبيل المثال، أنشأت منظمة الشفافية في مكسيكو، وهي منظمة غير حكومية، ووزير السلامة العامة في المكسيك، وشركات مقاولات ميثاقاً للنزاهة، وعينت مراقباً خارجياً كي يتحقق من شفافية ونزاهة عمليات المناقصة لخدمات التأمين على الأملاك. وفي نيجيريا، تصدر شراكة بين شركات أعمال رئيسية، ومنظمات غير حكومية، ووكالة حكومية شهادات تصديق على الالتزام بمبادئ النزاهة والشفافية.
وتعمل مبادرة الشراكة ضد الفساد حالياً على تنفيذ برنامج تجريبي مع الحكومة المضيفة في أحد البلدان الآسيوية حيث كان يطلب من شركات الأعمال دفع رشاوى لتمرير البضائع عبر الحواجز الجمركية.
وأوضح واسونا "أننا قدمنا بعض الأفكار وهي أن تدفع الحكومة لضباط الجمارك أجوراً تكفي لتأمين معيشتهم، مما يخفض ميل هؤلاء إلى طلب الرشوة، واعتماد الكمبيوتر في النظام الجمركي."
يعتقد أعضاء مبادرة الشراكة ضد الفساد أن شركات الأعمال، والحكومات، والمنظمات التي تعمل معاً تستطيع أن تخفض الفساد حول العالم بدرجة كبيرة.
واعتبر لي تاشجيان، نائب رئيس شركة فلور لشؤون الشراكة، "وجدنا أن هناك بالتأكيد طرقاً لتسليط الأضواء على الفساد حيثما وُجد والبدء بممارسة الضغط على الأماكن الصحيحة". وأضاف بأن الشركات الأعضاء في مبادرة الشراكة ضد الفساد وشركاءهم قاموا بعمل جيد للتخلص من الفساد، مع أنه لا يزال بالطبع هناك عمل كثير يتعين القيام به.



ارتق بنفسك